تناولت الجلسة الأولى، خلال اليوم الثاني من برنامج منتدى الجزيرة، تجربة العراق التي رأى بعض المتدخلين أنها سبقت عملية التغيير في العالم العربي إلا أن ما حدث في العراق لم يكن شأناً داخليا بل تغييرا بسبب عامل خارجي وهو الاحتلال الأمريكي؛ حيث وضع الأمريكيون أسسا جاهزة للحكم.

عالج هذا الموضوع الهام كل من:

  • سميى بنخلدون الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي بالمغرب
  • برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري السابق
  • نادية عبد الله عضو الحوار الوطني اليمني عن فئة الشباب
  • آلان غريش محرر جريدة لوموند الفرنسية
  • لويزا زسلافكوفا المدير التنفيذي لمنتدى صوفيا
  • أثيل النجيفي محافظ نينوى جمهورية العراق

وأوضح أحد المشاركين أن العراقيين مارسوا آليات ديمقراطية على مدى 10 سنوات، لكنها لم تصل بهم إلى الاستقرار. فهناك شعب رافض للواقع الذي يعيش فيه، وهناك نخب سياسية لا تحمل مشروعا سياسيا، وهو ما أدى إلى فراغ ظلت تملأه الدول المجاورة أو الدول الأجنبية، مشيراً إلى أن الانقسام الداخلي وغياب المشروع السياسي دفع بالعراق إلى انتصار الطائفية والانقسام، الأمر الذي يعني أن المشاريع السياسية في العراق تمثل تمدداً إقليمياً يسيطر على الكثير من مفاصل الدولة العراقية.

ومن اللافت أن الثورات الشعبية العارمة كانت جوابا على الأنظمة الشمولية والمستبدة، فطالبت بسرعة الاستجابة لمطالبها الإصلاحية. ويمكن أن تحديد قواسم مشتركة لحركة الثورة العربية:

  • الشباب الثائر  شكل القوى الدافعة لهذا الحراك، وهم شباب عربي طموح؛ لم يحركهم رغيف الخبر أو المطالب الاجتماعية بل مطالب العدالة والحرية والمساواة.
  • هذا الحراك الشبابي هو القوى الدافعة للثورة وكان بعيدا عن التحزب، لكنه أيضا كان يفتقد للبوصلة الموجهة.

وقد أشار بعض المتحدثين إلى أهمية التجربة المغربية التي اتسمت بالتغيير في ظل الاستقرار؛ إذ كانت هناك عوامل أدت إلى نجاحها منها أن المغرب عرف تعددية حزبية وتعددا نقابيا وتنافسا وتنظيمات جمعوية؛ أي تجارب متراكمة، ثم إن المغرب عموما يلتف حول ثوابت جامعة: منها الإسلام والملكية، والوحدة الوطنية.

ولعل الموضوع الجوهري لمطالب الحركات الشعبية العربية هو أن هناك شعبا يريد استعادة سيادته وكان قد أخضع لوصاية استعمارية ووصاية نخب، لكن الجمهور العربي قد تعلم معنى المواطنة، وأصبح يؤمن بأن الشعب مصدر السلطات. وفي هذا السياق أشار أحد المتحدثين إلى الوضع السوري الذي يشكل تجسيداً لهذا الأمر، فأمام الطموح الشعبي في سوريا للحرية والعدالة كانت هناك ردود أفعال لأصحاب المصالح. والذي يميز التجربة السورية أن المصالح النخبوية المحلية والإقليمية والدولية  قوية. فالثورة المضادة في مصر وتونس كانت أقل بقليل عما وقع ويقع في سوريا. ففي سوريا تم تعطيل المنظومة القانونية والدولية، خصوصا إذا تم النظر إلى الدور الروسي في الأزمة السورية وهو دور يقف دون أي تحقيق أهداف النظام الدولي في سوريا. كما أن الحلف الأطلسي عبر عن استقالة تامة حتى اليوم حيال الأزمة السورية، فضلا عن الفراغ العربي، الذي سمح لإيران بأن تجد لها مجالا حيويا في سوريا التي تحولت إلى مسرح للدفاع عن إيران وتطويق المنطقة العربية. والخطر يكمن في أن سوريا قد تتحول إلى فيتنام بالنسبة لإيران، فقد يكون الغرب يقوم بحسابات من أجل إغراقها في المستنقع السوري.

كما تعرضت إحدى المداخلات للأوضاع اليمينة، واعتبرت أن حركة التغيير في اليمن تعكس معاناة اليمن في العقود الماضية وما صاحب ذلك من حروب وأزمات اقتصادية وغياب للحريات، فما إن لاحت فرصة سقوط الرئيس التونسي والمصري والليبي حتى قامت الثورة الشبابية  اليمينة، وقد انضم إليها ضباط في الجيش وشيوخ قبائل، لكن ما فتئت أن تم مقايضة الفعل الثوري اليمني بتوافق سياسي بإشراف النخبة السياسية وبعض دول الخليج. وعرفت المرحلة الانتقالية اليمنية إخفاقا للسلطة القائمة في الكثير من الأمور؛ فلم تنفذ برنامج الانتقال الاقتصادي ولا الإصلاح القضائي ولم يتم التحقيق في جرائم الفساد بل هناك سعي لإعادة إنتاج النظام السابق. وكانت المصالحة فرصة لصياغة مشروع شبابي يقوم على محتوى وثيقة الحوار الوطني التي تكرس الإصلاح والحرية وتحتوي على خارطة طريق التي يمكن أن تشكل نقلة نوعية في تاريخ اليمن الحديث، لكن تعطيلها سرع باليمن إلى تدهور سياسي وأمني وجر اليمن نحو مزيد من تكريس الفساد، ولعل أبرز التحديات التي يواجهها اليمن هو تصاعد التدهور الأمني مع نشاط تنظيم القاعدة، وتراجع الهوية الوطنية.

وذكر أحد المتدخلين أن أسباب الثورات في دول العالم العربي ربما تعود إلى نقطتين: أولها الوقوف في وجه هيمنة السلطة السياسية والفردية، وما حصل إنما هو تكريس لمطلب الحرية. والنقطة الثانية هي العامل الاقتصادي المتدهور في أكثر من بلد عربي، موضحاً أن ما حصل لم يكن تغييرا ثوريا بقدر ما كان خلقا لشرخ بين الإسلاميين والعلمانيين، وأضاف أنه لا بد من اتفاق سياسي وليس ضرورياً الاعتماد على مرجعية انتخابية.