في جلستهم الثانية، ناقش الشباب العربي شؤوناً وقضايا تتعلق باتجاهات الحراك الشبابي ودوره في الربيع العربي، وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق حركة الثورة في المجال العربي، حيث استضافت الندوة أربعة من الصحفيين الشباب المتابعين للحركات الاحتجاجية في بلدانهم.
فقد تحدث الإعلامي محمد عبد الله أكينو من المغرب عن مسار التحول الديمقراطي في بلاده، موضحاً أن حراك عشرين فبراير الشبابي كان مختلفاً عن غيره لكونه لم يطالب بإسقاط النظام، بل طالب بإصلاح بعض القضايا التشريعية والتنظيمية بهدف خلق مناخ سياسي أكثر ديمقراطية وحيوية. وفي المقابل واجهت الحكومة هذا الحراك بأساليب متنوعة وذكية، فلم تقابله بعنف أو رصاص، وإنما اتجهت لإقرار تعديلات دستورية، أفضت لوصول حزب ذي مرجعية إسلامية (حزب العدالة والتنمية) إلى السلطة وذلك عبر انتخابات شفافة، غير أن الإخفاق الذي واكب عدة ملفات اقتصادية واجتماعية قد طبع أداء هذه الحكومة، فضلاً عن عدم مواكبتها لطموحات الشباب، مشيراً إلى خمود الحركة الاحتجاجية نوعا ما، ومن المتوقع أنها لن تضمحل لكنها قد تأخذ أساليب مختلفة وجديدة تكفل لمطالبها البقاء في الواجهة.
وبيَّن الصحفي الموريتاني جمال محمد عمر، الذي تناول مسار التحول الديمقراطي في بلاده، أن الربيع الموريتاني كان مختلفاً عن غيره؛ إذ انطلق منذ عام 2005 بتغيير نظام الحكم عبر انقلاب عسكري لقي ترحيبا جماهيرياً، أعقبه تحول جوهري للديمقراطية، لذلك كان للحراك الموريتاني مسار مختلف كثيراً، بما يعكس خصوصية التجربة الموريتانية. في المقابل، ومع عودة الجيش للحكم في موريتانيا وهبوب رياح التغيير في العالم العربي عام 2011، تأثر الشارع الموريتاني بتلك السياقات، وبدأت تحركات شبابية كان لها در كبير في الحياة السياسية العامة، ولكن لم يتم إنجاز التغيير وفقا للتصور المأمول لدى هذه الحركات الشبابية بل لا تزال هناك قضايا اجتماعية عديدة تحتاج إلى حل.
بدوره تناول الأكاديمي والصحفي الجزائري توفيق بو قاعدة الحراك الشبابي الجزائري، مشيراً إلى دور عدة نظم في توجيه الشباب نحو الحراك الاجتماعي، وليس السياسي خصوصاً العنف السياسي، وذلك استناداً للتجربة الجزائرية الطويلة في الكفاح من أجل الاستقلال، والتي كان الشباب وقودها، وركيزتها.
وقد عرفت الجزائر تجربة احتجاجات في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 1988، والتي شهدت مصرع عدد كبير من الشباب، بسبب لجوء النظام لتحميل الشباب تكلفة التغيير السياسي. كما لعبت عدة نظم اجتماعية منها الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام أدواراً في تهميش الشباب سياسياً خاصة مع لجوء النظام لقتل المعارضين معنوياً عبر اتهامهم بالخيانة وربطهم بالخارج، والنبش في ماضيهم واتخاذ ذلك وسيلة لإدانتهم.
أما عن مسار التحول الديمقراطي في مشرق العالم العربي، فقد تحدثت شيرين مازن طاهر إبراهيم من الأردن عن الحراك الشبابي الأردني، فأشارت إلى أنه كان مطلبياً بالدرجة الأولى، يرمي لإصلاح النظام وليس لإسقاطه، وهو حراك شبابي في صميمه، وذو جذور ممتدة لما قبل 2011، حيث بدأ باحتجاجات مطلبية عام 2007، ثم احتجاجات أخرى عام 2009. وتعرض الحراك الشبابي الأردني لنكسات عديدة بسبب نقاط ضعف جوهرية تمثلت في غياب التنسيق، والخلافات بين الحركات الاحتجاجية المختلفة، والذي أفرز ضعفا في الفعاليات المنظمة، وقلة في عدد المشاركين.