نظم مركز الجزيرة للدراسات جلسة نقاشية مسائية لليوم الثاني بعنوان العقبات الخارجية للتحول الديموقراطي في العالم العربي، وكان المتحدثون في هذه الجلسة كلهم من خارج المنطقة العربية الأمر الذى سمح بمعالجة الموضوع المناقش بنوع من الموضوعية أكثر.
وقد تحدث في هذه الندوة السيد سنان فلورينسا سفير سابق من اسبانيا، والسيد فيليب سيب الباحث والإعلامي الأمريكي والسيد لوان جيان من الصين، والسيد أندرو مارشال من بريطانيا، والسيدة جانج جي هينج من كوريا الجنوبية.
تناول النقاش موضوع التحول الديمقراطي في العالم العربي من حيث العامل الزمنى وربطه بالثورات العربية، فقد كان هذا التحول قد تأخر كثيرا مقارنة مع بلدان أخرى مرت بهذه التجربة وخاصة في أمريكا اللاتينية في فترة السبعينات وأجزاء من الثمانينيات.
وهذا يعنى أن مرحلة التحول الديمقراطي في العالم العربي قد تأخذ وقتا أطول مثل ما حدث في بلدان أخرى، فالتطور في الأداء السياسي مرتبط بسيرورة وتفاعل الصعوبات والعقبات التي تواجه كل دولة من دول العالم العربي على حدة، مع أن المؤشرات السياسية توحي بأن العالم العربي ليس استثنائيا من العالم ومع مرور الوقت سوف تصبح بلدانه بلدانا عادية تدار بأنظمة ديمقراطية تتيح التعايش للمواطنين بشكل طبيعي.
وهذا التحول مرتبط بعوامل ثلاثة هي:
- العامل الداخلي.
- العامل الخارجي (الإقليمي والدولي).
- العامل الجيوسياسي (المصالح والتوازنات الدولية).
ويعود جل العقبات التي تواجه التحول الديموقراطي إلى المستوى الداخلي الذى هو الأساس، أما العوامل الأخرى فقد تسهم في دعم العامل الداخلي وضرب لذلك امثلة من اسبانيا وكفاحها ضد الديكتاتورية.
ويتطلب العالم العربي حسب أحد المحاضرين توفير حياة كريمة ومستوى معيشي يحقق للمواطن ممارسة حياته الطبيعية وذلك بسبب كون فئة الشباب تمثل قرابة (60%) من إجمالي السكان؛ وهذا الهدف لا يتحقق إلا في ظل استقرار اقتصادي واجتماعي مبنى على أسس سليمة وكرامة انسانية، الأمر الذى جعل الشباب يتحملون المسؤولية بشأن المقاومة والتحول في بلدانهم مما يعنى أن الجانب الداخلي هو الأهم بالنسبة للمسار الديموقراطي وفي مقابل التقليل من شأن العامل الخارجي.
ومن الضروري دعم الديموقراطية في العالم العربي خاصة في من العولمة فالسياق العالمي يفرض ترابطا السياقات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وهذا يعني أيضا أنه من الضروري الاستفادة من التقاليد والثقافات الخاصة بكل بلد، بمعنى أن ليس هنالك نموذج مثالي للديموقراطية يمكن أن يصدر إلى العالم العربي وإنما هنالك نماذج مختلفة، وحسب كل حالة، وبالتالي فعلى كل دولة أن تنهج المنهج الديموقراطي الذي يتماشى ويتكيف مع حالتها ووضعها المحلى.
وهنا لا بد من التأكيد على أهمية العامل الداخلي في بناء الديموقراطية فهي لا تستورد بل إن التدخل الخارجي والديمقراطية المعلبة والمستورة قد تؤدى الى الفراغ السياسي.
وأشار أحد المتحدثين إلى نقطة أساسية وهي أن مبدأ المنفعة والمصلح هو الأساس وهو المتحكم في السياسة الخارجية الغربية اتجاه العالم العربي بمعنى أن الأمر مخالف تمام عن موضوع القيم والمبادئ من ذلك مثلا حالة العراق وحالة مصر والتحيز الغربي الواضح لجانب المصالح ولو تطلب الأمر محاربة نظام ديموقراطي منتخب من قبل الشعب، وهذا خطير لأنه ينتج عنه غليان وتطرف كردة فعل. ويبقى أن العالم العربي وبحكم مكانته وتراكم ثقافاته قادر على التحدى والمواجهة وذلك بخلق نموذج ديموقراطي خاص به بعيدا عن النماذج المستوردة.
ولا شك أن العوامل الداخلية هي الأهم، لكن بشرط أن يتم إبعاد العسكر من السياسة واللجوء إلى الحوار بين جميع الفاعلين السياسيين، ويكفل ذلك بناء دولة قوية تتسم بمستوى اقتصادي متطور.
ومن القصور في النظر الاعتماد على العامل الخارجي في تحقيق التحول الديموقراطي المنشود فالغرب وعلى رأسه أمريكا في المنطقة هدفه هو البحث عن مصالحه، كما موقف الصين ليس واضحا اتجاه الشرق الأوسط، في حين أن كوريا الجنوبية تركيزها متعلق بموضوع امدادها بمصادر الطاقة من المنطقة فنسبة 80% من احتياجاتها في مجال الطاقة تأتي من الشرق الأوسط.
ودق أشاد أحد المتدخلين بعاملين خارجيين في المنطقة أسهما في التحول الديموقراطي وهما الدور القطري والدور التركي وإن كانا قد انحسرا في المرحلة الأخيرة بسبب أن الأولى لا تحظى بدعم من جيرانها والأخيرة مشغولة بالأوضاع الداخلية.