انطلقت النسخة التاسعة لمنتدى الجزيرة "الصِّراع والتغيير في العالم العربي"، بفندق سان ريجيس الدوحة، بحضور لفيف من أبرز الشخصيات العربية والعالمية، ونخبة من المثقفين والإعلاميين.

وفي كلمته الافتتاحية للمنتدى، قال سعادة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة: إن المنتدى منذ انطلاقته دأب على جمع أهل العلم والفكر والسياسة لمناقشة الأوضاع السياسية التي يمر بها العالم، والتحديات التي تواجه الإعلاميين في تغطياتهم الإخبارية في كل مكان.

ونوَّه سعادته إلى أن الجزيرة تحرص دومًا على توفير منصَّة لطرح الآراء والحوار البنَّاء، إيمانًا منها بحق الجميع في التعبير والاختلاف، لافتًا إلى أن المنتدى تجسيد لشعار الرأي والرأي الآخر.

وتوقف سعادته عند التضحيات التي قدَّمتها الجزيرة ومؤسسات إعلامية أخرى، مشيرًا إلى أنها دفعت ثمنًا غاليًا نتيجة غياب ثقافة الرأي والرأي الآخر في كثير من المناطق، فاستُهدفت طواقمُها بالتضييق والسجن والقتل.

وقدَّم سعادته بالمناسبة تحية لكل الإعلاميين في المناطق المتوترة، مجدِّدًا مطالبة الجزيرة بضرورة تحقيق العدالة وإنصاف ضحايا الانتهاكات بحق الصحفيين.

كما أشاد سعادته بأداء الزملاء بمكاتب الجزيرة في دول العالم، وما يقدمونه من خدمة للإعلام الحُرِّ، وحرية الكلمة، ونقل الصورة كما هي في الواقع.

من جانبه، قال الدكتور مصطفى سواق، مدير عام شبكة الجزيرة: إن الدورة التاسعة لمنتدى الجزيرة الإعلامي تطرح هذا العام قضايا إشكالية معقَّدة وشائكة لم تواجهها المنطقة العربية من قبل، ويمتد تأثيرها لأرجاء العالم، وستنعكس مخرجاتها وآثارها الحالية والمستقبلية على السَّلْم العالمي.

ولَفَتَ إلى أن العالم العربي يشهد صراعات معقَّدة تصاعدت وتيرتها عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، بعضها تفجَّر في أشكال عنيفة، وترك تأثيرات بالغة في حياة شعوب المنطقة، وأصبح يهدد كيانات دول بأسرها، وأعاد تشكيل خارطة العلاقات والتحالفات الإقليمية والدولية، في ظلِّ ضعف الدول العربية، وترهل النظام الإقليمي، وبروز قوى جديدة أنشطتها عابرة للحدود، وتُنازِع الدولة سيادتها على أرضها، واحتكارها السلاح.

ونوَّه الدكتور سواق إلى أن الصراعات الحالية بأبعادها العِرقية والطائفية والمذهبية، بالمعادلات السياسية والاستراتيجية التي تحاول التأثير على حركة التغيير ورسم مستقبل المنطقة، سوف تُشكِّل محورًا أساسيًّا في أعمال الدورة، داعيًا النخب السياسية والمثقفة لأن تلعب دورها، وبحث قضية الصراعات في العالم العربي، وفهم مساراته ومآلاتها.

وأشار إلى أن هناك أسئلة كثيرة تحتاج من صُنَّاع القرار والباحثين والمهتمين بأمر الأمة عمومًا إلى التفكير والتأمل، وترتبط بجوهر الصراعات الجارية في الوطن العربي، ودوائرها، وأبرز الفاعلين فيها، وبكيفية إدارة هذه الصراعات، والأدوار التي تضطلع بها القوى الإقليمية والدولية فيها، وأي مستقبل منتظَر لحركة التغيير في ضوء تلك التجاذبات الإقليمية والدولية، إلى جانب أسئلة من قبيل: كيف يمكن للصراعات الجارية أن تُفضي إلى تغيير حقيقي ينقل المنطقة إلى مستقبل أفضل؟ وكيف سيكون مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي في المنطقة؟ وما دور القوى الإقليمية والعالمية في المرحلة الانتقالية التي يشهدها العالم العربي؟

وشدَّد على أن طرح تلك الأسئلة لا يمكن أن يُغيِّب الدور المراقِب للإعلام في هذه الصراعات، مستشهِدًا بثورة المعلومات وتزايد وتيرة الترابط العالمي بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، بحيث أصبح الإعلام يلعب أدوارًا أساسية في أغلب صراعات العالم، ويتجاوز دوره، أحيانًا، من مجرد نقل الأحداث إلى صناعتها وتشكيل سرديات متنافسة تعكس تصورات الأطراف المتصارعة، وتخدم استراتيجياتها ومصالحها، وهو ما يطرح أسئلة جوهرية حول طبيعة الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في الصراعات، ومدى التزامها بمعايير المهنية والمواثيق الدولية، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار التحول الجذري في المشهد الإعلامي الذي تعزَّز في السنوات الأخيرة، بالانتشار غير المسبوق لاستخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة والاستفادة مما توفره شبكة الإنترنت من خدمات لا حدود لها.

كما طالب الدكتور سواق الخبراء والمهنيين في منتدى الجزيرة ببحث دور الإعلام في الصراع، من خلال عملهم الميداني في مناطق الصراع والحروب، وبحث المخاطر والمحاذير في توظيف الإعلام في الصراعات، كما طالبهم بالإجابة على سؤال: كيف يمكن الاستفادة من التجارب العالمية في التغطيات الإعلامية للصراعات، بما يخدم المشاهد، ويقدم له تغطية متوازنة ومحايدة ومهنية وذات مصداقية؟

وختم بالإشارة إلى تطرق المنتدى لقضايا الحريات وحقوق الإنسان؛ حيث سيعمل القائمون على مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان على تسليط أضواء كاشفة على ما يتهدد الصحافيين العاملين في موطن الصراعات والأزمات من تقييد لحرياتهم، واستهدافهم بشكل ممنهج بالسجن والتشريد والقتل.

كما نوَّه إلى أن المنتدى سيتطرق لتجربة موقع الجزيرة نت في قضية تعليم اللغة العربية ومناهجها الحديثة، وعرْض مشروع الجزيرة بلس (+)، الفريدة والرائدة عربيًّا وعالميًّا.